ابن سعيد؛ إذ يقول1:

أصبحتَ يابن سعيدٍ حُزتَ مكرمةً ... عنها يقصر من يحفى وينتعلُ

سربلتني حكمةً قد هذبت شيمي ... وأججت غرب ذهني فهو مشتعل

أكون إن شئت قُسًّا في خطابته ... أو حارثًا وهو يوم الفخر مرتجل

وإن أشأ فكزيدٍ في فرائضه ... أو مثل نعمان ما ضاقت بي الحيل

أو الخليل عروضيًّا أخا فطن ... أو الكسائي نحويًّا له علل

تغلي بداهة ذهني في مركَّبها ... كمثل ما عرفت آبائي الأول

وفي فمي صارم ما سلَّه أحدٌ ... من غمده فدرى ما العيش والجذل

عقباك شكرٌ طويل لا نفاد له ... تبقى معالمه ما أطَّت الإبل2

فهو يقول: إنه تلقَّن عن أبي سعيد ما به يكون خطيبًا كقس إياد، وشاعرًا كالحارث بن حلِّزة، وماهرًا في علم الميراث كزيد بن ثابت، وفي علم الفقه كأبي حنيفة، وبارعًا في العروض كالخليل، وفي النحو كالكسائي. ولا نراه يذكر في أثناء ذلك ثقافة بالفلسفة، حقًّا ذكر كلمة الحكمة؛ ولكنه فسَّرها بهذه المعارف السابقة، ونحن لا نجزم بأنه لم يكن يلم بشيء من الفلسفة، ففي شعره بعض إشارات لها 3، وأيضًا فإنه يشير إلى الفلك والتنجيم4 وروى له الصولي في كتابه "الأوراق" فصولًا من النثر أخرجها مخرج الحكمة، وتعلق بفن الشعر التعليمي "POصلى الله عليه وسلمSIصلى الله عليه وسلم عز وجلIعز وجلCTIQUصلى الله عليه وسلم" الذي يذهب فيه الشعراء مذهب التعليم؛ ففي ديوانه مزدوجة ألفها في تاريخ الخليفة المعتضد. وقد ترك كثيرًا من المؤلفات في الأدب والشعر لعل أهمها كتابه: طبقات الشعراء المحدثين وكتاب البديع.

ويظهر من مجموع أخباره أنه لم يكن ينغمس في مؤامرات البلاط العباسي، وأنه اختار لنفسه عيشه المرفه الناعم مصاحبًا للأدباء والعلماء، ولو أنه مضى على ذلك لكان خيرًا له؛ غير أن النفس أمَّارة بالسوء، لذلك نراه حين يتوفى الخليفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015