إن الشباب والفراغ والجِدَه ... مفسدة للمرء أي مفسده1
وأكبر الظن أن في ذلك كله ما يوضح أن العلاقة كانت وثيقة بين الشعر والثقافات الدخيلة؛ فقد تحول إلى جوانب منها ينظمها كالفلك، وأيضًا فإن الشعراء نظموا تاريخ الأمم الخالية2، ولا نشك في أن أرجوزة أبي العتاهية لم تكن أمثالها كلها من صُنعِه، وأنه استقاها من أمثال الفرس والهند واليونان أو على الأقل استقى كثيرًا من جوانبها. وكم تلقانا إشارات في كتب الأدب لما كانوا ينظمون من معاني اليونان3 وغيرهم4. ولا نبالغ إذا قلنا إن منهم من كان يحسن من التفلسف ما يحسنه من الشعر، ولسنا نقصد النظام وأضرابه من المتكلمين؛ وإنما نقصد الشعراء أنفسهم من مثل صالح بن عبد القدوس وأبي العتاهية، ومن لا يبلغ مبلغهما من التفلسف كان يأخذ بأطراف منه إن لم يكن مباشرة فعن طريق المتكلمين، كما رأينا عند بشار وأبي نواس.