ولغتهما اليومية1، ويقول: إن هذا التأثير نفذ إلى سكان المدينة في الحجاز2 ونحن لا ننسى الأجيال العربية الأخيرة في عصر بني أمية؛ فقد كان كثير منهم من أبناء الجواري الأجنبيات، وكانوا يتأثرون بأمهاتهم في نطقهم لبعض الحروف3 وأيضًا فإنه بمضي الزمن أخذ كثير من العرب ينشأ في المدن، منبتّ الصلة بالبادية، فضعفت السلائق اللغوية وأخذ يظهر اللحن بين فصحائهم؛ بل إننا نجد بعض من نشئوا في البادية يلحنون مع ما عرفوا به من فصاحة مثل الحجاج4، ولعل ذلك ما جعل خلفاء بني أمية يحرصون على تأديب أبنائهم، حتى لا يلحنوا في خطابتهم5.
وإذا أخذنا ننظر في الشعراء الذين اشتهروا في البصرة والكوفة لعهد بني أمية وجدنا كل هذه الظواهر التي قدمناها بارزة في أخبارهم؛ فهذا يزيد بن مفرِّغ الذي عاصر زياد بن أبيه وابنه عبيد الله يحشو شعره بالألفاظ الفارسية6، وكان ينسب نفسه في حمير؛ غير أننا نظن ظنًّا أنه كان فارسيًّا، وظهر من بعده شاعر فارسي لا شك في فارسيته هو زياد الأعجم، كان جزل الشعر فصيح الألفاظ7، ومع ذلك كان يجد صعوبة في تكييف مخارج الحروف التي تخالف حروف لغته، فكان يبدل العين همزة والحاء هاء ويجعل السين شينًا والطاء تاء8 وينشد في قوله في المهلب بن أبي صفرة أو ابنه يزيد9:
فتى زاده السلطان في الودِّ رفعةً ... إذا غيَّر السلطانُ كلَّ خليل