لأجلها، فإنه حسن من وجه وقبيح من وجه، وليس يلزم من قبح الشيء من جهة ألا يكون حسنا من جهة أخرى، كما لا يلزم من كون سماع صوت العود حراما ألا يكون لذيذا.
44- قال المصنف: والفصاحة مختصة بالألفاظ دون المعاني، لوجوه منها أن الفصيح هو المألوف الاستعمال، وإنما كان مألوف الاستعمال لحسنه، وحسنه يدرك بالسمع؛ لأنه أمر عائد إلى تركيب حروفه وخفتهما وتباعد مخارجها، والذي يدرك بالسمع يكون صوتا يأتلف من مخارج الحروف، وكل ما ليس بمسموع لا يكون فصيحا1.
أقول هذا الكلام يحتمل أمرين: أحدهما أن يجعل حد الفصاحة هي الألفاظ المألوفة الاستعمال، وإنما كانت مألوفة الاستعمال لخفتها وسلاستها. والآخر ألا يجعل ذلك حد الفصاحة، بل مراده تعليل اختصاص اللفظ بوصف الفصاحة، وكون المعاني لا يجوز أن توصف بالفصاحة.
فإن أراد الأول لم نضايق على ذلك؛ لأن لكل واحد أن يتكلم بما شاء، ويقول عنيت به كذا وكذا. وإن أراد الثاني وهو الظاهر من كلامه قيل له إن كان كثرة الاستعمال وسلاسة اللفظ توجب أن يسمى اللفظ فصيحا فليس