22- قال المصنف: وإنما قصدنا أن يكون الكتاب "الذي يكتب" في هذا المعنى مشتملا على الترغيب والترهيب والمسامحة في موضع والمحاققة في موضع1.
أقول قد ظهرت فائدة علم الإدغام في باب الكتابة كما قدمناه، فإن الكاتب أراد أن يوازن لفظة المسامحة بلفظة المحاققة، وسها عن أن المحاققة بفك الإدغام غير جائزة.
23- قال المصنف: اللفظ قد يتأول في المعنى وضده، وقد يتأول على المعنى وغيره الذي ليس يضد. والأول أغرب وأظرف. فمما جاء منه قوله عليه السلام: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام".
قال فهذا الحديث يستخرج منه معنيان ضدان: أحدهما أن المسجد الحرم أفضل من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآخر أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من المسجد الحرام، إلا أن صلاة واحدة فيه لا تفضل ألف صلاة في المسجد الحرام، بل تفضل ما دونها بخلاف المساجد الباقية، فإن ألف صلاة فيه تقصر عن صلاة واحدة فيه2.
أقول: هذا الحديث لا يدل على أن المسجد الحرام أفضل من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا على أن مسجد رسول الله أفضل من المسجد الحرام، وليس الأمر كما توهمه هذا الرجل، وإنما يدل على أن حكم المسجد الحرام مخالف لهذا الحكم الذي قد حكم به صلى الله عليه وسلم في حق مسجده وباقي المساجد؛ لأن تقدير الكلام كل مسجد في الأرض إذا صلى فيه ألف صلاة فهي في الفضيلة دون الصلاة الواحدة في مسجدي، واستثنى من هذا الحكم