وطلاع الثنايا" أي سامي الهمة إلى معالي الأمور، فالمطايا فضلة؛ لأن معالي الأمور لا يُرقى إليها بالمطايا، وإن أراد به أنه كثير الأسفار فتخصيصه الثنايا بالذكر دون سائر الأرض من المفاوز وغيرها لا فائدة فيه.
وعلى كلا الوجهين فذكر المطايا فضلة لا حاجة إليها، وهو تطويل بارد غث1.
أقول: إن هذا الكلام مدخول من ثلاثة أوجه: الأول أنه لو أراد ما أراده الحجاج من سمو همته إلى معالي الأمور، وإحاطة علمه بالخفايا كما يحيط علم الربيئة الذي يطلع الثنايا بأحوال الأرض ومن يصير فيها، لم يكن قوله بالمطايا زيادة لا معى تحتها؛ لأنه كنى بالمطايا عن مساعيه وآثاره ومقامامته التي تقدم بها في معال الأمور، واكتسبها، وسماها مطايا لأنها هي التي أوصلته إلى المعالي، كما يصل الإنسان بالمطية إلى مقصده.
ولهذه العلة استعاروا هذه اللفظة، فقالوا الليل والنهار مطيتان تقربان البعيد، وسمي أبو الطيب نعله ناقة، فقال:
لا ناقتي تقبل الرديف ولا ... بالسوط يوم الرهان أجهدها2