الحال هي واو العطف استعيرت لمجرد الوصل. وعلى الجملة فاستعمال الكل في الجزء مجاز شائع.
أو نقول: المراد بالفلاكة المذكورة في هذا الفصل وقوع ما الأولى خلافه. واللغة اصطلاحية على قول، والألفاظ التي يدور عليها معنى في تصنيف كالخبن والطي في العروض اصطلاحية اتفاقاً، فقد سقط بهذا التقرير اعتراض من يدلع لسانه كالكلب مجادلا بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
اللهم عياذاً بك ممن قصر في العلم والدين باعه وطال في الجهل وأذى عبادك ذراعه، فقد اتخذ بطر الحق وغمص الناس سلما إلى ما يحبه ويرضاه ولا يعرف من المعروف ولا ينكر من المنكر إلا ما يشتهيه ويأباه، ولياذاً بك ممن جعل الملامة بضاعته والعذل نصيحته، يجعل عداوته وأذاه حذاراً وإشفاقاً وتنفيره وتخذيله إسعافاً، متى برز على الجهال بأصغريه ظن إنه قد زاحم العلماء بركبتيه.
إذا تقرر ذلك فاعلم أن الفلاكة على ضربين:
(أحدهما) فلاكة مالية، ونعني بها كون الشخص غير محفوظ في أمور الدنيا المالية على ما قررناه في الفصل الأول، أو وقوع ما الأولى خلافه في الأمور المالية على ما قررناه في هذا الفصل.
(والثاني) فلاكة معنوية، ونعني بها الأوصاف المخالفة لمحاسن الطبيعة أو لمحاسن الشريعة من الأفعال المحرمة أو الأفعال المكروهة والأخلاق القبيحة المذمومة.
وإذا عرفت انقسام الفلاكة إلى هذين القسمين مالية ومعنوية اتضح لك مناسبة التراجم في هذا الفصل لمقصود الفصل، وهذا حين الشروع وإنا ننقل فيها ألفاظ المترجمين بحروفها من غير تصرف فيها لتكون العهدة عليهم في ذلك. والله المستعان.
ابن علي بن نصر المالكي، كان بقية الناس، ولسان أصحاب القياس ونبت به
بغداد على عادة البلاد بذوي فضلها وعلى حكم الأيام في مخبأ فعلها، فخرج وخلع أهلها وودع ماءها وظلها، فلما فصل عنها شيعه من أكابرها وأصحاب محابرها جملة موفورة وطائفة كثيرة، فقال لهم: لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين في كل غداة ما عدلت ببلدكم بلوغ أمنية وفي ذلك يقول:
سلام على بغداد في كل موطن ... وحتى لها مني سلام مضاعف