المعنى المراد، وهو أن الغالب على الناس قلة العقل والخفة، وأصله يتصدق عليه فحذف عليه. ولو قرئ ببناء المعلوم لا نعكس المعنى وكان معناه أن العقلاء هم الأكثر، وليس بصحيح لا دارية ولا رواية وهذا الرجل اتهمه المهدي بالزندقة فأمر بحمله إليه، فلما خاطبه أعجب بغزارة علمه وأدبه وحسن ثباته، فأمر بإطلاقه فلما ولى رده وقال: الست القائل:
والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذي الضنى عاد إلى نكسه
فقال: بلى. فقال: وأنت لا تترك أخلاقك، فأمر به فقتل سنة 167. فانظر إلى الفلاكة قال حكمة فكانت سببا في قتله، ومثله قول عمارة اليمني الملقب نجم الدين الشاعر:
هذا ابن تومرت قد كانت بدايته ... كما يقول الورى لحما على وضم
وكان أول هذا الدين من رجل ... سعى إلى أن دعوه سيد الأمم
أراد إظهار معنى بديع مبتكر، فكان سببا في قتله في أحد الأقوال في سنة 569. وكنت هممت أن أضع فصلا في الكلمات التي كانت سببا للحوق ضرر عظيم
لأصحابها كهاتين الحكايتين واسميها بالفلاكة اللفظية لتكون الفلاكة ثلاثة أنواع مالية ومعنوية ولفظية، ثم بدا لي في ذلك وخشيت أن يصير الكتاب أدبيا لا علميا، ولنرجع إلى مقصود الفصل ومنه:
ليس الحمول بعار ... على امرئ ذي جلال
فليلة القدر تخفى ... وتلك خير الليالي
ومنه:
يا هذه إن رحت في ... شمل فما في ذاك عار
هذي المدام هي الحيا ... ة قميصها خرق وقار
ومنه:
وليس قبح المكان مما ... يزرى به منصبي وديني
فالشمس علوية ومع ذا ... تغرب في حمأة وطين