وإن يكن قصير الأمد، في جمهور قراء العربية.

كانت المجلة الأولى المهمة من هذا النوع مجلة «الجنان» التي أصدرها بطرس البستاني، وكتب معظم مقالاتها ابنه سليم. وقد عاشت مدة ستة عشرة سنة، من 1870 إلى 1886، حين توقفت عن الصدور لسبب تزايد الصعوبات في وجه الكتابة الحرة في عهد السلطان عبد الحميد، مما حمل عددًا من تلاميذ البستاني على الانتقال من بيروت إلى القاهرة، يجذبهم إليها أيضًا عدد القراء، وحرية التعبير النسبية، والرعاية التي شملهم بها أمثال رياض باشا من الحكام والمسؤولين. وكان أشهر هذه المجلات اللبنانية المصرية «المقتطف» التي أنشأت في 1876، و «الهلال» التي ظهرت لأول مرة في 1892. وكان قد أنشأ الأولى في بيروت معلمان شابان من أساتذة الكلية البروتستانتية السورية، هما يعقوب صروف وفارس نمر، اللذان انتقلا في 1885 إلى القاهرة، حيت بقيت المقتطف تصدر طيلة نصف قرن على قاعدة قلما طرأ عليها تغيير جوهري. فإذا أخذنا العدد الصادر في كانون الثاني 1896 على سبيل المثال، لوجدنا أنه يشتمل على مقالات في الأمراض السارية، والمكروبات في الهواء، والفروق بين الرجال والنساء، وتحليل فلسفي لمركز الإنسان بين الحيوانات، ومقال عن الإدارة في جبل لبنان في عهد رستم باشا (وهو أحد الحكام المعينين وفقًا لنظام 1861)، وملخص لتقرير لجنة أميركية عن أسس التربية، ومجموعة أقوال في اليمامة مستقاة من الأدب العربي؛ وأخبار صغيرة عن الأساليب الصناعية والزراعية والاكتشافات العلمية.

أما مؤسس الهلال، فكان جرجي زيدان (1861 - 1914) الذي تلقى علومه لفترة في الكلية البروتستانتية السورية أيضًا، لكنه لم يتأثر بها إلى الحد الذي تأثر به زملاؤه. فقد كان ذا تركيب ذهني مختلف فأعار العلوم الطبيعية في مجلته اهتمامًا أقل، موجهًا جل عنايته إلى علم الاجتماع وأدب النفس، والسياسات العالمية، والجغرافيا، والتاريخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015