582- أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي 1:

يعرف بابن أبي رندقة2 نشأ بطرطوشة -بضم الطاءين- ورحل لطلب العلم في أقطار الأندلس وصحب أبا الوليد الباجي بسرقسطة وأخذ عنه مسائل الخلاف، وكان يميل إليها، وتفقه به، ثم رحل للمشرق، فدخل بغداد والبصرة، فأخذ عن أبي بكر الشاشي المستظهري وغيره، وسكن الشام مدة، ودرس بها، فبعد صيته وكان راضيا من الدنيا بالقليل لورعه، ثم سكن الإسكندرية.

وتزوج امرأة موسرة وهبت له دارا سكن أعلاها، وجعل أسفلها مدرسة للطلبة، وكان نزوله بالإسكندرية بعد قتل بني عبيد لعلمائها، فنشر العلم بها، وأحيا معالمه بعد ما تعطلت دروسه، وكان يقول: إن سألني الله عن المقام بالإسكندرية مع ما هي عليه من تعطيل الجمعة وغير ذلك من المناكر التي كانت أيام العبيديين أقول له: وجدت قوما ضلالا، فكنت سبب هدايتهم.

وهكذا ينبغي للعلماء، بل يجب عليهم القيام بهداية الخلق، ولا يجوز لهم الهجرة إلا إذا يئسوا الهداية، أو خافوا الفتنة على أنفسهم أو دينهم، وامتحنه العبيديون بإخراجه منها، وملازمة الفسطاط، وأن لا يأخذ عنه أحد، ثم ألف تواليف مهمة في الأصول ومسائل الخلاف، وله كتاب في البدع، وله سراج الملوك في السياسة.

توفي بالإسكندرية سنة عشرين وخمسمائة 520.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015