المحدثين إذا لم توجد فيه المسألة فالغالب أن لا نص فيها، ينيف على المائة جزء، وله "مختصر المدونة" وعلى هذين معول المالكية في عصور بعده وفي عصره، وله "الرسالة" المتداولة الآن بين أيدي أهل المشرق والمغرب، وكتب أخرى كثيرة يطول عدها، فهو من الطبقة العالية في المؤلفين وعندي أنه أحق من يصدق عليه حديث "يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها" 1 هذا في أفريقيا وما قرب منها وفي المشرق القاضي أبو بكر الباقلاني لسان الفقهاء والمتكلمين، وقيل: الأستاذ سهل الصعلوكي، وقيل: أبو حامد الإسفراييني، وتقف على تراجم الكل في هذا المؤلف.
ولك أن تقول: إن ابن أبي زيد لم يصل إلى رأس المائة. قلنا: إلغاء الكسر معلوم في كثير من موارد الشريعة المطهرة، وما قارب الشيء يعطي حكمه على رأس المائة يحتمل أنه من المبعث أو الهجرة أو من الوفاة النبوية؛ لأن اصطلاح عد التاريخ من الهجرة إنما كان زمن عمر، ولا يحكم بالمتأخر على المتقدم والله أعلم. على أنه لا مانع أن يعد القيروان في قطره، والأصيلي في قطره، والقاضي عبد الوهاب في قطره، والباقلاني في قطره، وغيرهم، وعلى كل حال، فالذي يصلح لهذه المزية في هذه المائة كثيرون كالقاضي ابن محسود الهواري بفاس، وغيره، و"من" في الحديث تصدق بالواحد والجماعة. والله أعلم. توفي ابن أبي زيد سنة 386 ست وثمانين وثلاثمائة.
426- أبو بكر محمد بن يبقى بن محمد بن زرب 2: قاضي قرطبة، ومفتيها، الموصوف بسعة العلم والنظر والنزاهة والفضل، من