وأضعاف أضعاف هذا مما لا يكاد ينحصر. فهذا التمثيل والتشبيه هو الذي ننكره وننكر أن يكون في كلام الله دلالة على فهمه بوجه من الوجوه ومن أين يفهم من قوله: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} 1، ومن قوله: {فَاعْتَبِرُوا} 2 تحريم بيع الكشك باللبن، وبيع الخل بالعنب، ونحو ذلك، وقد قال الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} 3 ولم يقل إلى آرائكم وأقيستكم، ولم يجعل الله آراء الرجال وأقيستها حاكمة بين الأمة أبدا، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} 4 فإنما منعهم من الخيرة إذا كان حكم لله أو لرسوله لا أقيسة القياسين. هذه عيون ألة الظاهرة وهي كثيرة.

الردود عليهم:

قال القياسيون: أما قوله تعالى: {فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} فلا حصر فيه على أن القياس على كلام الله وكلام رسول الله في معنى حكم الله وشرعه وإن كنا لا نقول فيه: قال الله، لعدم تنصيصه عليه بالخصوص، وقد أمر الله بحكم الصيد في أقل قليل في الدرهم والدرهمين، وحكم الزوجين فكيف بالأمور العظام، فإذا وقعت الفأرة، نجست ما حولها، وإذا وقع خنزير، فكيف لا نقيسه على الفأرة، وكيف لا نقيس البنتين على الأختين في استحقاق الثلثين مع تنبيه الله لنا على علة الإرث بقوله {آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} 5 والقرآن لم يصرح بالثلثين، بل سكن عن حكم البنتين حيث قال: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} 5 وظاهرة أن الاثنتين لهما أقل من الثلثين، فلو أخذنا بهذا الظاهر، لكان الأختان أقرب من البنتين وأمثال هذا كثير.

فالنظر إلى المقاصد التي هي اللب واجب وراجع ما تقدم لنا في ترجمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015