عن درجة الاعتبار، أما ما يحتمل، فلا يجوز حذفه بالظن.

قال الغزالي: وإذا بان لنا إجماع الصحابة أنهم عملوا بالظن، كان ذلك دليلا على نزول الظن منزلة العلم في وجوب العلم؛ لأن المسائل التي اختلفوا فيها، واجتهدوا كمسألة الحرام ومسألة الجد وحد الخمر والمفوضة وغيرها من المسائل ظنية وليست قطعية. ا. هـ. منه "عدد 276 من جزء الثاني".

ومن أصولهم عدم العمل بخبر الواحد؛ لأنه ظني زاعمين أنهم لا يعملون بدليل ظني وقد خالفهم الجمهور من الأمة فعملوا بالدلائل الظنية في الفروع.

تصوير مناظرة الظاهرية وغيرهم:

قد عاب أصحاب المذاهب الأربعة مذهب الظاهرية كثيرا وأنحوا عليهم باللائمة، ورموهم بالجمود وعدم النظر للمعاني المقصودة من روح التشريع كما تقدم لنا بعض ذلك في الكلام على القياس، وفي ترجمة أبي حنيفة، ومن جملة ما استدلوا به عليهم قوله تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} 1 فإذا كان الله ينعى على الكفار اقتصارهم على فهم ظواهر الدنيا، فكيف بمن اقتصر على ظواهر الشريعة.

وقال تعالى: {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} 2 وقال الظاهرية: إن القصد من الشريعة هو التعبد، وظهور سر الامتثال، أما التعمق في القياس والعلل، فيخرجها من حد التشريع الإلهي إلى التشريع الوضعي البشري.

ولا ننكر أن هناك عللا ومصالح للأحكام إذا نص عليها، أو قطع بعدم الفارق، أما عند عدم ذلك، فتطلعنا وتكلفنا لاستخراج الخفي منها يخرجها إلى أن تكون ألغازا ومحاجاة، فمن أين يستفاد أن العلة في تحريم الربا هي الاقتيات والادخار أو الطعمية أو الكيل والوزن كما يقول أهل القياس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015