قال الحميدي1 في كتاب جذوة المقتبس: حدَّث القعنبي2 قال: دخلت على مالك وهو يبكي في مرض وفاته فقلت: ما يبكيك؟ فقال لي: ومالي لا أبكي, ومَنْ أحق بالبكاء مني, والله لوددت أني ضربت بكل مسألة أفتيت فيها برأي بسوط سوط، وقد كانت لي السعة فيما قد سُبِقتُ إليه, وليتني لم أفت بالرأي أو كما قال.
ولم نعرف لمالك رحلة إلّا للحج, لكون العلم وجلّ العلماء مقرهما في الحجاز, وإليه يرحل إذ ذك، لذلك اقتصر على الأخذ عنهم، أو عن مَنْ يرد من علماء الأقطار للحج والزيارة.
ولد -رحمه الله- سنة ثلاث أو أربع وتسعين, وتوفى سنة تسع وسبعين ومائة باتفاق، بعد أن ترك أثرًا عظيمًا وعملًا جسيمًا في الفقه الإسلامي, فاز به على مَنْ قبله, واقتفى آثاره فيه من بعده.
واعتمده الاحتجاج بموطئه جميع المذاهب من حيث السنة للإجماع على فضله وتحريه وثقته، قال البيهقي3 في المدخل: عن يحيى بن محمد العنبري أنه قال: طبقات أصحاب الحديث خمسة: المالكية والشافعية والحنابلة والراهوية4 والخزيمية أصحاب محمد بن خزيمة5، نقله في أعلام الموقعين6.