قواعد مذهب أبي حنيفة في الفقه:

مبدؤه ما قاله هو عن نفسه: إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم, والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات، فإذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم, أخذت بقول أصحابه من شئت, وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن المسيب -وعدَّد منهم رجالًا, فلي أن أجتهد كما اجتهدوا.

وأصول مذهب الحنفية كثيرة استوعبها أصحابه في كتبهم، كالإمام البزدوي1، وبعده محب الله بن عبد الشكور2, وفي كتابه مسلم الثبوت في أصول الحنفية والشافعية, المتوفَّى سنة "119" وغيرهما، ولا يمكننا استيعابها, وإنما ذكرنا هنا الأصول الأولية التي تفرَّعت عنها تلك الأصول الأخرى، والحق أن هذه الأصول الثانوية مخرَّجة ومستنبطة من كلامه, ولا نصَّ عليها بالتعيين عنه.

مثلًا قولهم: إن من أصول مذهبهم أن العام قطعي الدلالة كالخاص، وأن مذهب الصحابي علي خلاف العموم مخصص له، وأن العادة في تناول بعض خاص مخصِّصة أيضًا، وأن الخاص مبيّن ولا يلحقه البيان، وأن الزيادة على النصّ نسخ، وأن لا ترجيح بكثرة الرواة، ولا يجب العمل بحديث غير الفقيه إذا انسد باب الرأي، ولا عبرة بمفهوم الشرط والوصف أصلًا، وأن موجب الأمر هو الواجب البتة.

وأمثال هذه القواعد لا تصح بها رواية عنه ولا عن صاحبيه, وإنما أخذها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015