وعابها1, وبقوله عليه السلام في الصحيح أيضًا: "إن الله يكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال" 2، وقد تردَّد مالك في حمل الحديث على ذلك أو على الاستعطاء، وفي صحيح مسلم عن الزهري, عن سعد بن أبي وقاص قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرّم على المسلمين, فحرم عليهم من أجل مسألته" 3، لكن هذا قد انتهى حكمه بموت الرسول -عليه السلام- لانقطاع تجدد الأحكام، ومنه حديث: "إن الله فرض أشياء فلا تضيعوها, وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان, فلا تبحثوا عنها" 4 رواه الإمام أحمد وغيره.
وأنكر جماعة من الصحابة والتابعين السؤال عمَّا لم يقع من النوازل, ورأوا أن الاشتغال بذلك من الغلوِّ والتعمق في الدين.
قال ابن المنير5: كان مالك لا يجيب في مسألة حتى يسأل, فإن قيل نزلت أجاب عنها, وإلّا أمسك، ويقول: بلغني أن المسألة إذا وقعت أعين عليها المتكلم, وإلا خُذِل المتكلِّف, وهذا ينافي ما روي عنه من المسائل الكثيرة التي هي في الموطأ والمدونة والموازنة والعتبية وغيرها، ويأتي في ترجمة المعيطي من أصحابه الأندلسيين أنه أفرد أقواله هو وأبو عمر الإشبيلي فكانت مائة مجلد، ويبعد كل البعد أن تكون المسائل كلها واقعة في زمنه، ومن ذلك قول النووي6 أيضًا: روينا أن الأوزاعي أفتى في سبعين ألف مسألة.
وقال الجمهور بالجواز, مستدلين بحديث الصحيح عن المقداد بن الأسود، قلت: يا رسول الله, أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي