ويدرك قبح بعض أو نقصه كالكذب والجهل بمعنى منافرة الطبع أو نقصها وهذا محل اتفاق بين الأشاعرة والمعتزلة ولكن ذلك ليس في كل فعل فعل، بل في البعض، وقد يخفى عن العقل الحكم في البعض، ولا يدركه إلا من قبل الشرع كما أنه يمدح ذلك الحسن ويذم القبيح، ولا سبيل إلى إدراك الثواب والعقاب إلا من قبل الشرع هذا في الأحكام. أما في أفعال الله تعالى، فالذي مشى عليه محققون من الأشاعرة أنه لا ابتداع فيقول من قال: إن أفعال الله كأحكامه لا تخلو من حكم ومصالح وغايات راجعة إلى عبيده لا إلى ذاته تعالى تفضلا لا وجوبا، وهو منزه عن أن يصله نفع من ذاته لذاته فضلا عن غيره؛ لأنه غني عن العالمين، ورعايتها من لطفه ورحمته التي وسعت كل شيء، ولا يجب1 على الرب شيء وهو الفاعل المختار القادر القهار، ولا يلزم على مراعاتها استكمال أصلا كما حرره صدر الشريعة وغيره؛ لأن المصلحة ليست راجعة إليه حتى يستكمل بها بل إلى مخلوقاته المفتقرة إليه تفضلا ومنة اقتضاها أنه الحكيم العليم المريد، فوصفه نفسه بالفعال لما يريد، وبالحكيم يقتضي القصد والإرادة والحكيم لا يريد إلا ما فيه فائدة ومصلحة لعبيده تفضلا منه لكرمه الواسع وجوده العميم قال صدر الشريعة في الأصول: وما أبعد عن الحق قول من قال: إنها ليست معللة بمصالح العباد، فإن بعثه الرسل عليهم لاهتداء الخلق، وإظهار المعجزات لتصديقهم، فمن أنكر التعليل، فقد أنكر النبوة، قال صاحب "التلويح": إن تعليل بعثة الرسل باهتداء الخلق لازم لها، وكذا تعليل إظهار المعجزة على يدهم بتصديق الخلق لهم، وإنكار اللازم يوجب إنكار الملزوم؛ إذ ينتفي بانتفاء اللازم، فإن قالوا: إن تحصيل مصلحة العبد وعدمه إن استويا بالنسبة إليه تعالى حيث لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015