ليأخذ أخاه والقرآن مصرح أو ظاهر في التحيل، قال: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} وكان شرع الملك لا يبيح له ذلك.
وأما قول الشيخ في مراجعته الثانية: إن شرع الملك لم يكن سماويا بل وضعيا، وأن أهل مصر لم يكن شرعهم سماويا، وأحكام شرائعهم متجافية عن الحق إلخ فهذه دعوى ينافيها حكم يوسف به وهو نبي مرسل، فكونه حاكما به حتى تحيل في تحويره، دلنا أنه سماوي، إذ لا يعقل أن يكون رسول الله حاكما بشرع غير سماوي والله يقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 1 وقال تعالى: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} 1 الآية، ومن أين لنا أن أهل مصر لم يكن شرعهم سماويا وأن أحكم شرائعهم متجافية فهذا كله في حيز المنع، والله يقول: {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} 2 ويقول: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} 3 كذلك تأويل الشيخ لقضية الخضر في تحليله لخرق السفينة بأنها حكم باطني، ولحديث "بع الجمع بالدراهم" 4 بأنه خروج عن تهمة ربا الفضل إلى صريح الإباحة فإن الجواب بالباطن لا يسلمه الخصم، والخروج عن التهمة هو الذي نسميه نحن بالتحيل.
وعلى كل حال الأدلة على وجود التحيل في بعض موارد الشريعة بالمعنى الذي ذكرناه لا ينكره أحد فيما أظن، وانظر حديث المحترق الذي وقع على زوجته في نهار رمضان كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ألزمه أولا بالكفارة ولما رأى منه العجز عنها صيره مكفرا وآخذا لتلك الكفارة5: فبعد ما كان ملزوما برزء ماله أو بدنه، صار رابحا