وسحنونا وابن المعذل وطبقتهم لما انسلخ آخر يوم من ذي الحجة سنة 200 واستهل محرم بعده سنة 201 حرم عليهم ما كان مطلقا لهم من الاختيار.

ويقال للآخرين: أليس من المصائب، وعجائب الدنيا تجويزكم الاختيار والاجتهاد لمن ذكرتم من أئمتكم دون حفاظ الإسلام، وأعلم الأمة بكتاب الله وسنة نبيه، وأقوال أصحابه كأحمد بن حنبل والشافعي، وإسحاق والبخاري، وداود الظاهري ونظرائهم من سعة علمهم وورعهم، واتفاق الإسلام على احترامهم واعتبارهم، وأطال في ذلك فانظره.

وقال في "جمع الجوامع": ويجوز خلو الزمان عن مجتهد خلافا للحنابلة مطلقا، ولابن دقيق العيد، ما لم يتداع الزمان بتزلزل القواعد، فإن تداعى بأن أتت أشراط الساعة الكبرى، كطلوع الشمس من مغربها جاز الخلو عنه، والمختار لم يثبت وقوع الخلو عنه، وقيل: يقع دليل عدم الوقوع حديث "الصحيحين" بطرق: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله" 1، كما صرح بها في بعض الطرق، وقال البخاري: هم أهل العلم أي: لابتداء الحديث في بعض الطرق بقوله: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".

ويدل للوقوع حديث "الصحيحين" أيضا: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" هذا لفظ البخاري2، وفي مسلم حديث: "إن بين الساعة أياما يرفع فيها العلم، ويترك فيها الجهل" 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015