بحيث يثبت أن مثل هذا الاقتباس قد حدث فعلا، بل على العكس نرى الشاهد المعاصر الوحيد الذي ما زال باقيا هو من آيات القرآن نفسه، وهذا يستبعد مثل هذا الاحتمال بأقطع عبارة، ومن المستغرب أن هذا الشاهد يطرح جانبا في الغالب ومن هنا تأتي ملاحظة باحث حاذق له جهوده المشكورة في الدراسات الإسلامية حيث يقول: "إن الإسلام يمزج دائما بين المقدرة على تمثيل العناصر الأجنبية والعزوف عن الإقرار بالأصول التي استمدت منها"1.
وهذا ملاحظة تستحق البحث ولو بصورة عابرة، ما دامت قد أوردت بصورة عابرة! فإذا كان المقصود بكلمة الإسلام هو مدنية الإسلام أو حضارته أو ثقافته، فإن مسألة تمثل العناصر الأجنبية أو مصادر هذه العناصر لم تكن قط محل إنكار2, أما إذا كان المقصود هو العقيدة والدين، فإن كاتب هذه الكلمات لا يكاد يحتاج إلى من يذكره أن الإسلام إذا ابتغى أن ينفض عنه ما كان مثارا لنعيه عليه، فإنه لن يكون بعد هو الإسلام في خصائصه المعروفة، ولسوف يتخلى عن التعاليم الصريحة في كتابه المقدس، والإسلام كعقيدة كل لا يقبل التجزئة، إما أن يؤخذ كله وإما أن يترك كله.
هناك مثال لكثير من الآراء الخطيرة التي يكاد يخفيها ما يساق من عبارات تبدو مقتبسة، ولكنها تفقد رونقها بإمعان النظر عن قرب. وحتى المستشرقين الذين توصلوا مع أنفسهم إلى التوافق على قبول صدق محمد والاعتراف بأنه دعا إلى دين جديد متميز تميزا أساسيا.. يعودون ليؤكدوا في الوقت نفسه أن رسالة محمد لم تكن كلها من مصدر إلهي! وهذا نص لباحث آخر له أبحاث قيمة عن حياة محمد، إنه يقول: "إن على الإسلام أن يقر