وما فاقت في القوة والاقتدار، إلا برفض الأديان، والرجوع إلى الغرض المقصود من كل دين -على زعمه- وهو: بيان مسالك الطبيعة ... قد افترى على الله كذبًا!

"ولما كنا بحيال الدين في الهند -في سنة 1879- أحسسنا من بعض ضعاف العقول اغترار بترهات الرجل وتلامذته، فكتبنا رسالة في بيان مذهبهم الفاسد وما ينشأ عنه من المفاسد, وأثبتنا أن الدين أساس المدنية وقوام العمران، وطبعت رسالتنا في اللغتين الهندية والفارسية "اسمها: الرد على الدهريين".

"هؤلاء الدهريين ليسوا كالدهريين في أوربا، فإن من ترك الدين في البلاد الغربية تبقى عنده محبة أوطانه، ولا تنقص حميته لحفظ بلاده من عاديات الأجانب، ويفدي مصلحتها بروحه. أما أحمد خان وأصحابه، فإنهم كما يدعون الناس لنبذ الدين، يهونون عليهم مصالح أوطانهم ويسهلون على النفوس تحكم الأجنبي فيها، ويجتهدون في محو آثار الغيرة الدينية والجنسية ... لا لأجر جزيل ولا شرف رفيع، ولكن لعيش دنيء ونفع زهيد، وهكذا يمتاز دهري الشرق عن دهري الغرب: بالخسة والدناءة، بعد الكفر والزندقة!! "1.

ويقول السيد جمال الدين الأفغاني في عدد آخر من أعداد هذه المجلة2:

" ... من هذا -من أسباب السياسة الأوروبية -لما سلك الإنجليز في الهند لما أحسوا بخيال السلطنة يطوف على أفكار المسلمين منهم، لقرب عهدها بهم، وفي دينهم ما يبعثهم على الحركة إلى استرداد ما سلب منهم، وأرشدهم البحث في طبائع الملل إلى أن حياة المسلمين قائمة على الوصلة الدينية، وما دام الاعتقاد المحمدي والعصبية الملية سائدة فيهم فلا تؤمن بعثتهم إلى طلب حقوقهم، فاستهووا طائفة ممن يتسمون بسمة الإسلام ويلبسون لباس المسلمين؛ وفي صدورهم غل ونفاق وفي قلوبهم زيغ وزندقة، وهم المعرفون في البلاد الهندية "بالدهريين والطبيعيين"! فاتخذهم الإنجليز أعوانا لهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015