و"الغرب" قد مجد القوة المادية يومئذ؛ لأنه يمتلكها.. وخفف من وزن الروحية والمثالية الإنسانية؛ لأنه لا يريد في الجانب العملي أن يسلك مع الشعوب التي استعمرها نفس السلوك الخاص بأصحاب القوة المادية وهم الأوروبيون، كما تحتم ذلك الروحية الدينية أو المثالية الإنسانية1؟

هذا من جهة ومن جهة أخرى رأى "الغرب" في ضعف الشعوب المستعمرة -وهي الشعوب الإسلامية في رقعة العالم الإسلامي- فرصة يربط فيها بين مظاهر الضعف عندهم وبين "ثقافتهم" ومصدر هذه الثقافة، حتى يحول في وقت ما -قرب أو بعد هذا الوقت- بينهم وبين التمسك بهذه "الثقافة" واحتضانها؟ كما رأى في ضعف هذه الشعوب نفسها فرصة أخرى للتنفيس عن "الصليبية" التي دفعته فيما مضى، وبتحريض من الكثلكة والكنيسية الغربية، إلى الاعتداء على البلاد الإسلامية مدة ثلاثة قرون تقريبا باسم الصليب، دون أن يحصل على هدفه الأصلي وهو طرد المسلمين من بيت المقدس، وإبعاد السيادة الإسلامية عن "مزار المسيحية"، ودون أن يحصل على مغنم آخر سريع إذ ذاك؟

وفي مجال التنفيس الصليبي جال "الاستشراق" جولته هنا في بحث الإسلام وعرض تعاليمه.. جال جولته باسم البحث العلمي والمعرفة العقلية، وصيانة تراث الإنسانية الماضي؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015