أنا أَبُو سَعِيدٍ: مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ , نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ , نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , نا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ , نا الْأَوْزَاعِيُّ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا , أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي: فَاحْتَلَمَ فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ , فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ , إِنَّ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ» قَالَ عَطَاءٌ: فَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ , فَقَالَ -[134]-: " لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ , وَتَرَكَ رَأْسَهُ حَيْثُ أَصَابَهُ يَعْنِي: الْجُرْحَ " وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَكَانَ فَرْضُهُ التَّقْلِيدَ , كَتَقْلِيدِ الْأَعْمَى فِي الْقِبْلَةِ , فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ آلَةُ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ , كَانَ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ الْبَصِيرِ فِيهَا وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ , أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْعَالِمِ حَتَّى يَعْرِفَ عِلَّةَ الْحُكْمِ , وَإِذَا سَأَلَ الْعَالِمَ فَإِنَّمَا يَسْأَلُهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ طَرِيقَ الْحُكْمِ , فَإِذَا عَرَّفَهُ وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَمِلَ بِهِ وَهَذَا غَلَطٌ , لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْعَامِّيِّ إِلَى الْوقُوفِ عَلَى ذَلِكَ , إِلَّا بَعْدَ -[135]- أَنْ يَتَفَقَّهَ سِنِينَ كَثِيرَةً , وَيُخَالِطَ الْفُقَهَاءَ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ , وَيَتَحَقَّقَ طُرُقَ الْقِيَاسِ , وَيَعْلَمَ مَا يُصَحِّحُهُ وَيُفْسِدُهُ وَمَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ , وَفِي تَكْلِيفِ الْعَامَّةِ بِذَلِكَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطِيقُونَهُ , وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَيْهِ وَأَمَّا الْعَالِمُ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ؟ ؟ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا عَلَيْهِ , يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ , لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ , وَلَزِمَهُ طَلَبُ الْحُكْمِ بِالِاجْتِهَادِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ الْعَالِمِ