أنا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَامِينَ الْإِسْتَرَابَاذِيُّ , نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْجُرْجَانِيُّ , نا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ , قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ , يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ , يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ: قُلْتُ لِزُفَرَ: صِرْتُمْ حَدِيثًا فِي النَّاسِ وَضِحْكَةً، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: تَقُولُونَ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا: ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ , ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ، فَصِرْتُمْ إِلَى أَعْظَمِ الْحُدُودِ فَقُلْتُمْ: يُقَامُ بِالشُّبُهَاتِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» وَقُلْتُمْ: يُقْتَلُ بِهِ، قَالَ: إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْهُ السَّاعَةَ -[113]- قُلْتُ: كَانَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ , فَلَمَّا حَاجَّهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ فِي مُنَاظَرَتِهِ , وَفَتَّ فِي عَضُدِهِ بِحُجَّتِهِ , أَشْهَدَهُ عَلَى رَجْعَتِهِ , خِيفَةً مِنْ مُدَّعٍ يَدَّعِي ثَبَاتَهُ عَلَى قَوْلِهِ الَّذِي سَبَقَ مِنْهُ , بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ زَلَّةٌ وَخَطَأٌ , وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنِ احْتُجَّ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ أَنْ يَقْبَلَهُ , وَيُسَلِّمَ لَهُ , وَلَا يَحْمِلُهُ اللِّجَاجُ وَالْجَدَلُ عَلَى التَّقَحُّمِ فِي الْبَاطِلِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18]