فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ بِدِرْهَمٍ , فَصَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَيَّامٍ فِي طَلَبِ الثَّوْبِ , فَقَالَ لَهُ الْقَصَّارُ: مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ , وَأَنْكَرَهُ ثُمَّ إِنَّ رَبَّ الثَّوْبِ رَجَعَ إِلَيْهِ , فَدَفَعَ إِلَيْهِ الثَّوْبَ مَقْصُورًا , أَلَهُ أُجْرَةٌ؟ فَإِنْ قَالَ: لَهُ أُجْرَةٌ , فَقُلْ: أَخْطَأْتَ وَإِنْ قَالَ: لَا أُجْرَةَ لَهُ فَقُلْ أَخْطَأْتَ " فَصَارَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ , فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ الْأُجْرَةُ , فَقَالَ: أَخْطَأْتَ , فَنَظَرَ سَاعَةً , ثُمَّ قَالَ: لَا أُجْرَةَ لَهُ فَقَالَ: أَخْطَأْتَ , فَقَامَ أَبُو يُوسُفَ مِنْ سَاعَتِهِ فَأَتَى أَبَا حَنِيفَةَ , فَقَالَ لَهُ: «مَا جَاءَ بِكَ إِلَّا مَسْأَلَةُ الْقَصَّارِ؟» قَالَ أَجَلْ , قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ مَنْ قَعَدَ يُفْتِي النَّاسَ وَعَقَدَ مَجْلِسًا يَتَكَلَّمُ فِي دِينِ اللَّهِ وَهَذَا قَدْرُهُ , لَا يَحْسُنُ أَنْ يُجِيبَ فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْإِجَارَاتِ» فَقَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ , عَلِّمْنِي: فَقَالَ: «إِنْ كَانَ قَصَّرَهُ بَعْدَ مَا غَصَبَهْ فَلَا أُجْرَةَ , لِأَنَّهُ قَصَّرَهُ لِنَفْسِهِ , وَإِنْ كَانَ قَصَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْصِبَهُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ قَصَّرَهُ لِصَاحِبِهِ» ثُمَّ قَالَ: «مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنِ التَّعْلِيمِ , فَلْيَبْكِ عَلَى نَفْسِهِ»