الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَرَضِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الدَّقَّاقِ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ: مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزَّاهِدَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيَّ , يَقُولُ: " مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْفِقْهِ بِغَيْرِ لُغَةٍ تَكَلَّمَ بِلِسَانٍ قَصِيرٍ وَأَمَّا الْعَبْرَةُ الَّتِي فِي مَعْنَى الْأَصْلِ , فَهِيَ نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] فَكَانَ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ حَرَامًا , اعْتِبَارًا بِهِ , وَهَذَا وَنَحْوُهُ لَمْ يَتَنَازَعِ النَّاسُ فِيهِ , وَلَا يُعْذَرْ أَحَدٌ بِجَهْلِهِ وَالضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ الْعَبْرَةِ: هُوَ الْمَعَانِي الْمُتَشَعِّبَةُ الَّتِي تُدْرَكُ بِدَقِيقِ النَّظَرِ , وَقِيَاسِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ , وَحُكْمِ الْغَائِبَاتِ يُعْلَمُ بِالِاسْتِدْلَالِ بِالْمُشَاهَدَاتِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجْلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى , وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5] فَأَقَامَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حُجَّتَهُ عَلَى الْمُنْكِرِينَ رُبُوبِيَّتِهُ الدَّافِعِينَ قُدْرَتِهُ عَلَى إِحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ وَبَعْثِ الْأَنَامِ , بِمَا تَلَوْنَا , لِيَعْتَبِرُوا أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى إِنْشَاءِ الْمَعْدُومِ , وَنَقْلِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ , وَإِعْدَامِهِ بَعْدَ الْوُجُودِ , وَمُحْيِيَ الْأَرْضِ الْهَامِدَةَ , قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ النُّفُوسِ , فَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا