قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَإِنْ قَالُوا أَوْ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا زَعَمْنَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إِذَا نَزَلَتْ فَسُئِلَ عَنْهَا الْعَالِمُ كَانَ كَالْمُضْطَرِّ , فَعَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ كَمَا كَانَ عَلَى الْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ قِيلَ لَهُمْ: فَرِوَايتُكُمْ عَنْ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُئِلُوا رَدُّ الْمَسْأَلَةِ هَذَا إِلَى هَذَا حَتَّى تَدُورَ الْمَسْأَلَةُ فَتَرْجِعَ إِلَى الْأَوَّلِ تُوجِبُ فِي قَوْلِكِمْ أَنَّهُمْ تَرَكُوا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ , لِأَنَّ عَلَى الْمُضْطَرِّ فَرْضًا أَنْ يُحْيِيَ نَفْسَهُ بِالْمَيْتَةِ , وَلَا يَقْتُلُهَا بِتَرْكِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ , قَدْ تَرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ فِي مَعْنَى قَوْلِكِمْ وَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ جَوَابُ الْمَنْزُولِ بِهِ لِيَدْفَعَ بِهِ جَهْلَهُ , وَلِيَعْلَمَ بِالْجَوَابِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ وَحَلَّ لَهُ؟ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ , قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رَجَعَتِ الْمَسْأَلَةُ إِلَى أَنَّ الضَّرُورَةَ بِغَيْرِهِ أَوْجَبَتِ الْجَوَابَ عَلَيْهِ , فَكَذَلِكَ لِضَرُورَةِ الْمُضْطَرِّ بِغَيْرِهِ يَجِبُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عَلَيْهِ , وَإِلَّا فَهُمَا مُفْتَرِقَانِ لَا يُشْبِهُ الْجَوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَيْتَةَ , وَيُقَالُ لَهُ: أَلَيْسَ إِذَا نَزَلَتِ الْمَسْأَلَةُ فَسُئِلَ عَنْهَا الْعَالِمُ حَلَّ لَهُ الْجَوَابُ بِالسُّؤَالِ , كَمَا إِذَا نَزَلَتْ بِهِ ضَرُورَةٌ حَلَّ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ بِالِاضْطِرَارِ؟ فَإِذَا قَالَ: بَلَى , قِيلَ: وَكَذَلِكَ إِذَا ارْتَفَعَ السُّؤَالُ رَجَعَ الْجَوَابُ حَرَامًا كَمَا إِذَا ارْتَفَعَ الِاضْطِرَارُ رَجَعَتِ الْمَيْتَةُ حَرَامًا , فَإِذَا قَالُوا: نَعَمْ , قِيلَ لَهُمْ: فَلِمَ سَأَلْتُمْ عَنْ جَوَابِ الْمَاضِينَ وَمَلَأْتُمْ مِنْهَا الْكُتُبَ , وَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ , وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِلْعَالِمِ بِالسُّؤَالِ , ثُمَّ حُرِّمَتْ بِارْتِفَاعِ السُّؤَالِ كَمَا حَلَّتْ لِلْمُضْطَرِّينَ الْمَيْتَةَ بِالِاضْطِرَارِ , ثُمَّ حُرِّمَتْ