أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زِرْقَوَيْهِ , أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ الْخُتَّلِيُّ , نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ , نا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ , عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ , قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ وَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظُ , - وَاللَّفْظُ لَهُ - أنا أَبُو حَفْصٍ , عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ بِمَكَّةَ , نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , نا أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ , نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكَّارٍ الْقُرَشِيُّ , حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ , نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الرِّبْعِيُّ , قَالَ: قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو , حَنِيفَةَ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ , وَكُنْتُ لَهُ صَدِيقًا , ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَى جَعْفَرٍ , وَقُلْتُ: أُمْتَعَ اللَّهُ بِكَ , هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَهُ فِقْهٌ وَعَقْلٌ , فَقَالَ لِي جَعْفَرٌ: لَعَلَّهُ الَّذِي يَقِيسُ الدِّينَ بِرَأْيِهِ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: «أَهُوَ النُّعْمَانُ؟» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الرِّبْعِيُّ , وَلَمْ أَعْرِفِ اسْمَهُ إِلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ - فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: نَعَمْ أَصْلَحَكَ اللَّهُ , فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: " اتَّقِ اللَّهَ , وَلَا تَقِسِ الدِّينَ بِرَأْيِكَ , فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ , إِذْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ , فَقَالَ: أَنَا خَيْرُ مِنْهُ , خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: هَلْ تُحْسِنُ أَنَّ تقيسَ رَأْسَكَ مِنْ جَسَدِكَ؟ " فَقَالَ لَهُ: لَا - وَفِي حَدِيثِ ابْنِ رِزْقَوَيْهِ: نَعَمْ - , فَقَالَ لَهُ: «أَخْبِرْنِي عَنِ الْمُلُوحَةِ فِي الْعَيْنَيْنِ , وَعَنِ الْمَرَارَةِ فِي الْأُذُنَيْنِ , وَعَنِ -[465]- الْمَاءِ فِي الْمِنْخَرَيْنِ , وَعَنِ الْعُذُوبَةِ فِي الشَّفَتَيْنِ , لِأَيِّ شَيْءٍ جُعِلَ ذَلِكَ؟» قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْعَيْنَيْنِ فَجَعَلَهُمَا شَحْمَتَيْنِ , وَجَعَلَ الْمُلُوحَةَ فِيهِمَا مَنًّا مِنْهُ عَلَى ابْنِ آدَمُ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَذَابَتَا فَذَهَبَتَا , وَجَعَلَ الْمَرَارَةَ فِي الْأُذُنَيْنِ مَنًّا مِنْهُ عَلَيْهِ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَهَجَمَتِ الدَّوَابُّ فَأَكَلَتْ دِمَاغَهُ , وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي الْمِنْخَرَيْنِ لِيَصْعَدَ مِنْهُ النَّفَسُ وَيَنْزِلَ , وَتَجِدُ مِنَ الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ وَمِنَ الرِّيحِ الرَّدِيئَةِ , وَجَعَلَ الْعُذُوبَةَ فِي الشَّفَتَيْنِ لِيَعْلَمَ ابْنُ آدَمَ مَطْعَمَهُ وَمَشْرَبَهُ» , ثُمَّ قَالَ لِأَبِي حَنِيفَةَ: «أَخْبِرْنِي عَنْ كَلِمَةٍ أَوَّلُهَا شِرْكٌ وَآخِرُهَا إِيمَانٌ؟» قَالَ: لَا أَدْرِي , فَقَالَ جَعْفَرٌ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , فَلَوْ قَالَ: لَا إِلَهَ ثُمَّ أَمْسَكَ كَانَ مُشْرِكًا , فَهَذِهِ كَلِمَةٌ أَوَّلُهَا شِرْكٌ وَآخِرُهَا إِيمَانٌ " , ثُمَّ قَالَ لَهُ: " وَيْحَكَ أَيُّهَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ: قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ أَوِ الزِّنَا؟ " قَالَ: لَا , بَلْ قَتْلُ النَّفْسِ قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ بِشَاهِدَيْنِ , وَلَمْ يَقْبَلْ فِي الزِّنَا إِلَّا أَرْبَعَةً , فَكَيْفَ يَقُومُ لَكَ قِيَاسٌ؟» ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهُمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ الصَّوْمُ أَمِ الصَّلَاةُ؟» قَالَ: لَا , بَلِ الصَّلَاةُ قَالَ: " فَمَا بَالُ الْمَرْأَةِ إِذَا حَاضَتْ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَبْدَ اللَّهِ وَلَا تَقِسْ , فَإِنَّا نَقِفُ غَدًا نَحْنُ وَأَنْتَ وَمَنْ خَالَفَنَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَنَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَتَقُولُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ سَمِعْنَا وَرَأَيْنَا , -[466]- فَيَفْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَا وَبِكُمْ مَا يَشَاءُ "