وَجَاهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ مُنْكَرًا لَا تَعْرِفُهُ الْقُلُوبُ , وَلَا يَهْتَدِي لَهُ التَّفْكِيرُ , حَتَّى كَشَفَ اللَّهُ ذَلِكَ لِمُوسَى فَعَرَفَهُ , وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِ الدِّينِ الَّتِي لَا تُوَافِقُ الرَّأْيَ , وَلَا تَهْتَدِي لَهَا الْعُقُولُ , وَلَوْ كَشَفَ لِلنَّاسِ عَنْ أُصُولِهَا لَجَاءَتِ لِلنَّاسِ وَاضِحَةً بَيِّنَةً غَيْرَ مُشْكِلَةً عَلَى مِثْلِ مَا جَاءَ عَلَيْهِ أَمْرُ السَّفِينَةِ وَأَمْرُ الْغُلَامِ وَأَمْرُ الْجِدَارِ , فَإِنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى يَعْتَبِرُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ , وَيُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا , وَمَنْ أَجْهَلُ وَأَضَلُّ وَأَقَلُّ مَعْرِفَةً بِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ وَبِنُورِ الْإِسْلَامِ وَبُرْهَانِهِ مِمَّنْ قَالَ لَا أَقْبَلُ سُنَّةً وَلَا أَمْرًا مَضَى مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُكْشَفَ لِي غَيْبُهُ وَأَعْرِفَ أُصُولَهُ؟ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ , فَكَانَ عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَفِعْلُهُ , وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]