يَنْبَغِي لِلسُّنَنِ أَنْ تُلْزَمَ وَيُتَمَسَّكَ بِهَا عَلَى مَا وَافَقَ الرَّأْيَ أَوْ خَالَفَهُ وَلَعَمْرِي إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِي كَثِيرًا عَلَى خِلَافِ الرَّأْيِ , وَمُجَانَبَتِهِ خِلَافًا بَعِيدًا , فَمَا يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا مِنَ اتِّبَاعِهَا وَالِانْقِيَادِ لَهَا , وَلِمِثْلِ ذَلِكَ وَرِعَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَكَفَّهُمْ عَنِ الرَّأْيِ , وَدَلَّهُمْ عَلَى غَوْرِهِ وَغَوْرَتِهِ , إِنَّهُ يَأْتِي الْحَقُّ عَلَى خِلَافِهِ فِي وُجُوهٍ غَيْرِ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ قَطْعَ أَصَابِعِ الْيَدِ مِثْلُ قَطْعِ الْيَدِ مِنَ الْمِنْكَبِ , أَيُّ ذَلِكَ أُصِيبَ فَفِيهِ سِتَّةُ أَلْفٍ وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ قَطْعَ الرِّجْلِ فِي قِلَّةِ ضَرَرِهَا مِثْلُ قَطْعِ الرِّجْلِ مِنَ الْوَرِكِ , أَيُّ ذَلِكَ أُصِيبَ فَفِيهِ سِتَّةُ أَلْفٍ وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ فِيَ الْعَيْنَيْنِ إِذَا فُقِئَتَا مِثْلُ مَا فِي قَطْعِ أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ فِي قِلَّةِ ضَرَرِهِمَا , أَيَّ ذَلِكَ أُصِيبَ فَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ فِيَ شَجَّتَيْنِ مُوَضَّحَتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ مِائَةَ دِينَارٍ , وَمَا بَيْنَهُمَا صَحِيحٌ فَإِنْ جُرِحَ مَا بَيْنَهُمَا حَتَّى تُقَامَ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى , كَانَ أَعْظَمَ لِلْجُرْحِ بِكَثِيرٍ , وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا حِينَئِذٍ إِلَّا خَمْسُونَ دِينَارًا وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ تُقْضَى الصِّيَامَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ وَمِنْ ذَلِكَ رَجُلَانِ قُطِعَتْ أُذُنَا أَحَدِهِمَا جَمِيعًا , يَكُونُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا , وَقُتِلَ الْآخَرُ فَذَهَبَتْ أُذُنَاهُ وَعَيْنَاهُ وَيَدَاهُ وَرِجْلَاهُ , وَذَهَبَتْ نَفْسُهُ