أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , أَنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ , أَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ , حَدَّثَهُمْ قَالَ: نا سُفْيَانُ , عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " لَمَّا نَزَلَتْ: {إِلَّا تُنَفِّرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التوبة: 39] قَالَ الْمُنَافِقُونَ: قَدْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ نَاسٌ لَمْ يَنْفِرُوا فَهَلَكُوا , وَكَانَ قَوْمٌ تَخَلَّفُوا لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ , وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ , فَنَزَلَ الْعُذْرُ لِأُولَئِكَ {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} [التوبة: 122] , وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أُولَئِكَ {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حَجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الشورى: 16] " قُلْتُ: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّائِفَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ , وَاسْمُ الطَّائِفَةِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَعَلَى الْكَثِيرِ , فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ بِمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ , وَقَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَذَرَ بِالْإِنْذَارِ فِي قَوْلِهِ: {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] وَمَعْنَاهُ: وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحْذَرُوا كَمَا قَالَ: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] وَ {لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 65] وَ {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء: 31] إِيجَابًا عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّقُوا , وَأَنْ يَفْقَهُوا , وَأَنْ يَهْتَدُوا وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا -[281]- قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] فَأَمَرَ اللَّهُ بِالتَّثَبُّتِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لِئَلَّا يُصَابَ قَوْمٌ بِجَهَالَةٍ فَيُصْبِحُ مَنْ قَضَى بِخَبَرِ الْفَاسِقِ نَادِمًا , وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى إِمْضَاءِ خَبَرِ الْعَدْلِ , وَالْفَرَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَبَرِ الْفَاسِقِ , وَلَوْ كَانَا سِيَّيْنِ فِي التَّثَبُّتِ لَبَيَّنَهُ عَزَّ وَجَلَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015