أنا أَبُو الْقَاسِمِ , عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ , نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ النِّجَادُ , نا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ , نا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ , قَالَ: رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ , فَلَمَّا نَزَلَ عَنْهُ قَالَ: «وَجَدْتُهُ بَحْرًا» -[214]- قَالَ لَنَا أَبُو الْقَاسِمِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَجَازِ , لِأَنَّهُ شَبَّهَ سُرْعَةَ الْفَرَسِ فِي جِرْيِهِ بِالْبَحْرِ وَجَرَيَانِهِ وَهَوْلِهِ وَعِظَمِهِ فَإِذَا وَرَدَ لَفْظٌ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ بِإِطْلَاقِهِ , وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ إِلَّا بِدَلِيلٍ , وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ مَجَازٌ , فَيُحْمَلُ عَلَى مَا وُضِعَ لَهُ وَأَمَّا الْمَجَازُ فَحَدُّهُ: كُلُّ لَفْظٍ نُقِلَ عَمَّا وُضِعَ لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَجَازَ فِي اللُّغَةِ , وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ , أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَجَازٌ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْعُدُولَ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ , إِنَّمَا يَكُونُ لِلضَّرُورَةِ , وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهِ مَجَازٌ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْمَجَازَ لُغَةُ الْعَرَبِ وَعَادَتُهَا , فَإِنَّهَا تُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ الشَّيْءِ إِذَا كَانَ مُجَاوِرًا لَهُ , أَوْ كَانَ مِنْهُ بِسَبَبٍ , وَتَحْذِفُ جُزْءًا مِنَ الْكَلَامِ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ , إِذَا كَانَ فِيمَا أُبْقِيَ دَلِيلٌ عَلَى مَا أُلْقِيَ , وَتَحْذِفُ الْمُضَافَ وَتُقِيمُ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ وَتُعْرِبُهُ بِإِعْرَابِهِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ , وَإِنَّمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِأَلْفَاظِهَا وَمَذَاهِبِهَا وَلُغَاتِهَا , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] , وَنَحْنُ نَعْلَمُ ضَرُورَةً أَنَّ الْجِدَارَ لَا إِرَادَةَ لَهُ