فَأَمَّا مَنْ أَفْتَى عَامِّيًّا , فَلَا يَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلَكِنْ رُبَّمَا اضْطُرَّ الْمُفْتِي فِي فَتْوَاهُ إِلَى أَنْ يَقُولَ وَهَذَا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ , أَوْ يَقُولَ: لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي هَذَا , أَوْ يَقُولَ: مَنْ خَالَفَ هَذَا الْجَوَابَ فَقَدْ فَارَقَ الْوَاجِبَ وَعَدَلَ عَنِ الصَّوَابِ , أَوْ يَقُولَ: فَقَدْ أَثِمَ , وَوَاجِبٌ عَلَى السُّلْطَانِ إِلْزَامُ الْأَخْذِ بِجَوَابِنَا أَوْ بِهَذِهِ الْفَتْوَى , وَمَا قَارَبَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ عَلَى حَسَبِ السُّؤَالِ وَمَا تُوجِبُهُ الْمَصْلَحَةُ وَتَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَإِذَا رَأَى الْمُفْتِي مِنَ الَمْصَلَحَةِ عِنْدَمَا تَسْأَلُهُ عَامَّةٌ أَوْ سُوقَةٌ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا لَهُ فِيهِ تَأَوُّلٌ , وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ , بَلْ لِرَدْعِ السَّائِلِ , وَكَفِّهِ , فَعَلَ , فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ , فَقَالَ: لَا تَوْبَةَ لَهُ , وَسَأَلَهُ آخَرُ فَقَالَ: لَهُ تَوْبَةٌ , ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ: فَرَأَيْتُ فِيَ عَيْنَيْهِ إِرَادَةَ الْقَتْلِ فَمَنَعْتُهُ , وَأَمَّا الثَّانِي: فَجَاءَ مُسْتَكِينًا , وَقَدْ قَتَلَ فَلَمْ أُويِسْهُ