وإذا كان العرف والعادات إلى اليوم تعد في نظر الحقوقيين مصدرًا من أهم المصادر للقوانين الوضعية ذاتها، فيستمد منه واضعوها كثيرًا من الأحكام المتعارفة، ويبرزونها في صورة نصوص قانونية يُزَال بها الغموض والإبهام الذي لا يجليه العرف في بعض الحالات، فإن الشريعة الإسلامية كذلك جاءت فأقرت كثيرًا من التصرفات والحقوق المتعارفة بين العرب قبل الإسلام وهذبت كثيرًا ونهت عن كثير من تلك التصرفات، كما أتت بأحكام جديدة استوعبت بها تنظيم الحقوق والالتزامات بين الناس في حياتهم الاجتماعية على أساس وفاء الحاجة والمصلحة والتوجيه إلى أفضل الحلول والنظم لأن الشرائع الإلهية إنما تبغي بأحكامها المدنية تنظيم مصالح البشر وحقوقهم فتقر من عرف الناس ما تراه محققًا لغايتها وملائمًا لأسسها وأساليبها.