وحاصله أنه إذا كان أقوالاً وأفعالاً تنافي الدين وتوجب تكفير صاحبها، كان كفراً بصرف النظر عما يترتب عليه من الآثار، وإن كانت هذه الأقوال أو الأفعال محرمة كان حراماً، أما إن كانت جائزة فإنه ينظر لما يترتب عليها من الآثار. فإن كانت محرمة كان حراماً، وإلا فلا.

هذا هو حكم كثير من العلماء في حقيقة السحر. فقال بعضهم: أنه تخيل لا حقيقة له، والى هذا الرأي ذهب كثير من العلماء، ومنهم الاستراباذي من الشافعية، وأبو بكر الرازي من الحنفية، وأبن حزم وكثير من العلماء غير هؤلاء.

فهذه الفئة تجزم بأن السحر هو من باب الخيال، كاللعاب السيمائية التي يقوم بها مهارة الهواة ومن على شاكلتهم، ولكن جمهور العلماء يقولون: إن للسحر حقيقة، وقد تترتب عليه آثار حقيقية، وهؤلاء فريقان: فريق قال: إن الآثار المترتبة عليه محدودة فقد ينقلب بالسحر الحيوان إنساناً، وبالعكس، ولكن قائل هذا، لم يعول عليه. والرأي المعتمد هو الأول. وقد ذكر بعض المحققين: أن السحر صناعة من الصناعات التي يستخدمها الإنسان في إظهار الأمور على غير ما هي عليه في الواقع، وقد يكون لبعض أنواع السحر تأثيرها ما على بعض النفوس أو الأبدان.

هذا هو رأي المحققين من العلماء. على أن الباحث في هذه المسألة يجب عليه أن ينظر إلى الواقع ويجعل للنظر الصحيح قيمته في حكمه، فهل هناك أدلة واقعية تثبت أن السحر قد ترتبت عليه آثار صحيحة، وهل هناك أدلة من الكتاب أو السنة الصحيحة تدل على ذلك (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015