أما الذي يعلم أن نتيجة عدوانه عقوبة بالسجن القليل، فإنه لا يبالي بتكرار فعله مع كثيرين، فيزيد أرباب العاهات والمجرمون معاً، على أن السجن إذا طال أمده فإنه يكون من شر الآفات التي تقضي على حياة المجرم، فإنه يصبح عاطلاً مستهتراً بالجرائم، كما هو مشاهد في كثير من متعودي الإجرام والسجون فمتى أمكن القصاص بالتساوي بين العضوين، كان من العدل أن يقتص من الجاني بمثل جنايته، وإن لم يمكن كان للحاكم أن يعزره بما يراه زاجراً له عن العودة، ورادعاً للأشرار عن ارتكاب الجرائم. على أنك قد عرفت أن القصاص في نظر الشريعة الإسلامية حق المعتدى عليه، فله أن يصطلح مع خصمه على مال أو غيره، أو يعفو عنه.
فإذا رأى الحاكم أن العفو يترتب عليه ضرر بالأمن، فله أن يتخذ الوسائل التي يراها لصيانة الأمن.