لأولياء الدم سلطاناً، على القاتل الذي يثبت عليه القتل، فإن شاؤوا عقوا عنه في نظير مال أو غيرهن وإن شاؤوا اقتصوا منه بالقتل بدون تمثيل أو تعذيب، وفي ذلك سلوى تذهب بها أحقادهم، فلا يمعنون في العدوان، ولا يسرفون في الانتقام بقتل الأبرياء من أسرة القاتل، فتصور ضغائن خصومهم فيقابلونهم بالمثل، ويترتب على ذلك إراقة الدماء البريئة باقبح معانيها.
فإن الحوادث قد جلت على أن كثيراً من جنايات القتل قد نشأت من إثمال رأي ولاة الدم، وحرصهم على أن ينتقموا بأنفسهم من القاتل، فهم يعمدون إلى اتهام غيره من أقاربه الأبرياء، ويكتمون أمره، كي يقتلوه عند سنوح الفرصة بأيديهم تشفياً، وبذلك تسود الفوضى بين الأسر، وتكثر فيهم حوادث القتل، بدون أن يكون للقانون أدنى بأثير على أنفسهم، أما لو كان لولي الدم رأي في القصاص من أول الأمر، فإنه يرى في تسلطه على القاتل، ما يطفىء لوعته ويرفع عنه المهانة، فتهدأ نفسهن فإن عفا عنه فذاك، وإلا اقتص منه وحده، ووقفت الفتنة عند هذا الحد (?)