أن يفهموا هذا المعنى جيداً، ويدركوا أن من قصد بصلاته غرضاً من الأغراض الدنيوية، فإن صلاته تقع باطلة، ويعاقب عليها المرائين المجرمين، قال تعالى: {وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} (?) فمن لم يخلص في إرادة الصلاة، ويقصد أن يصلي لله وحده، فإنه يكون مخالفاً لأمره تعالى؛ فلا تصح صلاته، والنية بهذا المعنى متفق عليها، أما الخواطر النفسية أثناء الصلاة، كأن يصلي وقلبه مشغول بأمر من أمور الدنيا، فإنها لا تفسد الصلاة، ولكن يجب على المصلي الخاشع لربه أن يحارب هذه الوساوس بكل ما يسطيع، ولا يتفكر وهو في الصلاة الا في الخضوع لله عز وجل، فإن عجز عن ذلك، ولم يستطع أن ينزع من نفسه أمور الدنيا، وهو واقف بين يدي ربه، فإنه لا يؤاخذ. ولكن عليه أن يستمر في محاربه هذه الوساوس الفاسدة ليظفر بأجر العاملين المخلصين.
والحاصل أن ها هنا أمرين: أحدهما: إرادة الصلاة والعزم على فعلها لله وحده بدون سبب آخر لا يقره الدين؛ ثانيهما: حضور القلب، وعدم اشتغاله بتفكر أمر من أمور الدنيا، فأما الأمر الأول فإنه لا بد منه في الصلاة، وأما الأمر الثاني فإنه ليس شرطاً في صحة الصلاة ولكن ينبغي للواقف بين يدي خالقه أن ينزع من نفسه كل شيء لا علاقة له بالصلاة، فإن عجز فإن أجر صلاته لا ينقص، لأنه قد أتى بما في وسعه، ولا يكلفه الله بغير ذلك.
وأما حكم النية في الصلاة فقد اتفق الأئمة الأربعة على أن الصلاة لا تصح بدون نية، الا أن بعضهم قال: إنها ركن من أركان الصلاة، بحيث لو لم ينو الشخص الصلاة، فلا يقال