أما دليله: فهو قوله تعالى: {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً} فهذا هو دليل حكمه الأخروي. فقد وصفه الله بأنه منكر وزور، أما دليله الدنيوي، فقوله بعد هذه الآية: {والذين يظاهرون منكم من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} الآيات، فهذا دليل حكمه الدنيوي.

وبذلك تعلم أنه لا منافاة بين كونه منكراً من القول. وبين كونه يترتب عليه تحريم المرأة مؤقتاً حتى يخرج الكفارة، لأن الكفارة جزاء على عصيان الله، وتحريم المرأة مؤقتاً تأديب له، وفي ذلك زجر شديد للمؤمنين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

هذا، وقد روي أن سبب تشريع حكم الظهار، هو أن خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت رآها زوجها وهي تصلي، فلما سلمت راودها، فأبت، فغضب فظاهر منها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أوساً تزوجني وأنا شابة مرغوب في فلما خلا سني ونثرت بطني - أي كثرت أولادي - جعلني كأمه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما عندي في أمرك شيء" لأن الله لم يوح إليه بإبطال ما كانوا عليه بشأن الظهار، فتألمت لذلك وشكت إلى الله، وقالت له: يا رسول الله إن لي صبية صغاراً، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، فأعاد عليها قوله، فكانت كلما قال لها ذلك تهتف وتقول: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي فنزل قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير. الذين يظاهرون منكم من نسائهم} الآيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015