وهذه الحدود مع كونها محققة لمصلحة العباد، فإنها عدل كلها وإنصاف، بل هي غاية العدل.
4 - وجوب إقامة الحدود وتحريم الشفاعة فيها:
تجب إقامة الحدود بين الناس منعاً للمعاصي وردعاً للعصاة، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرغباً في إقامة الحدود: (إقامة حد من حدود الله، خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله عز وجل) (?).
وتحرم الشفاعة في الحدود لإسقاطها وعدم إقامتها، إذا بلغت الإمام وثبتت عنده، كما يحرم على ولي الأمر قبول الشفاعة في ذلك؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في أمره) (?)، ولرده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شفاعة أسامة بن زيد في المخزومية التي سرقت، وغضبه لذلك، حتى قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) (?).
وأما العفو عن الحدّ قبل أن يبلغ الإمام فجائز؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للذي سُرقَ رداؤه، فأراد أن يعفو عن السارق: (فهلاَّ قبل أن تأتيني به) (?).
5 - من يقيم الحد ومكان إقامته:
الذي يقيم الحد هو الإمام أو نائبه، فقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقيم الحدود في حياته، ثم خلفاؤه من بعده. وقد وَكَل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يقيم الحد نيابة عنه، فقال: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) (?).
ووجب ذلك على الإمام؛ ضماناً للعدالة، ومنعاً للحيف والظلم.