- وأما إن كانت الجناية خطأً أو شبه عمد، فإن الدية تكون على عاقلة القاتل؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغُرَّة: عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ميراثها لزوجها، وبنيها، وأن العقل على عصبتها) (?).

وإنما وجبت على العاقلة؛ لأن جنايات الخطأ كثيرة، والجاني فيها معذور، فوجبت مواساته، والتخفيف عنه بخلاف المتعمد؛ ولأن المتعمد يدفع الدية فداءً عن نفسه؛ لأنه يجب عليه القصاص، فإن عفي عنه تَحَمَّل الدية.

المسألة الرابعة: أنواع الديات ومقاديرها:

1 - أنواع الديات:

الأصل في الدية هو الإبل، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (في النفس المؤمنة مائة من الإبل …) (?).

وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ألا وإن قتيل الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل) (?).

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (كانت قيمة الدية على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ... فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيباً فقال: ألا إن الإبل قد غلت. قال: ففرضها عمر -وفي رواية: فقوَّم- على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفاً، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة) (?).

وعلى هذا؛ فإن الأصل في الدية الإبل. وهذه الأشياء المذكورة سواها يكون معتبراً بها من باب التقويم، وقد كان ذلك من عمر رضي الله عنه بمحضر من الصحابة، ولم ينكروا ذلك عليه، فيكون إجماعاً، فتدفع الدية إبلاً، أو قيمتها، من هذه الأشياء المذكورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015