لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب، وقد عظَّم الله شأن القتل، فقال سبحانه: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة: 32]. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً) (?). وقد توعده الله سبحانه، فقال: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا…) [النساء: 93]. وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء: 48]. فهو داخل تحت المشيئة؛ لأن ذنبه دون الشرك. هذا إن لم يتب، أما إذا تاب فتوبته مقبولة؛ لقوله عز وجل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53] ولكن لا يسقط حق المقتول في الآخرة بمجرد توبة القاتل.
ينقسم القتل إلى ثلاثة أقسام: القتل العمد، وشبه العمد، والخطأ.
والخطأ والعمد ورد ذكرهما في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) [النساء: 92]. وقوله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
وأما شبه العمد: فثبت في السنة المطهرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد) (?).
وإلى تفصيل القول في هذه الأقسام الثلاثة:
القسم الأول: قتل العمد:
حقيقته: أن يقصد القاتل آدمياً معصوماً، فيقتله بما يغلب على الظن موته