ذهب أكثر أهل العلم -وهو الصحيح-: أن أسرى الكفار من الرجال أمرهم إلى الإمام، فَيُخَيَّرُ فيهم بما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين بين: القتل، والاسترقاق، والمنّ بغير عوض، والفداء إما بمال أو منفعة أو أسير مسلم، أما النساء والصبيان فإنهم يسترقون بمجرد السبي، ويصيرون كجملة المال يضمون إلى الغنيمة، ولا يخير فيهم الإمام، ولا يجوز قتلهم، لنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك.
- والدليل على القتل: قوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة: 5]. وقوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) [الأنفال: 67]. فأخبر الله سبحانه أن قتل المشركين يوم بدر كان أولى من أسرهم وفدائهم.
ولحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: (اقتلوه) (?)، وقتل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجال بني قريظة.
- والدليل على الاسترقاق: حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في قصة بني قريظة لما نزلوا على حكم سعد بن معاذ - رضي الله عنه -، فحكم أن تقتل المقاتلة، وتسبى الذرية (?).
- والدليل على المنّ والفداء قوله تعالى: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) [محمد: 4]. وينبغي للإمام أن يفعل الأصلح للمسلمين من هذه الخصال؛ لأن تصرفه لغيره، فلزم أن يكون تخييره للمصلحة.