تسن زيارة مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشدُّ الرحل إليه في أي وقت من أيام السنة، سواء أكان ذلك قبل الحج أم بعده، وليس لها وقت خاص، ولا دخل لها في الحج، وليست من شروطه ولا من واجباته، لكن ينبغي لمن قدم إلى الحج أن يزور مسجده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل أداء فريضة الحج أو بعدها، وبخاصة من يشق عليه السفر إلى هذه الأماكن. فلو مر الحجاج بالمسجد النبوي وصلوا فيه، لكان أرفق بهم وأعظم لأجرهم ولجمعوا بين الحسنيين: أداء فريضة الحج، وزيارة المسجد النبوي للصلاة فيه، مع العلم -كما سبق- بأن هذه الزيارة ليست من مكملات الحج، ولا دَخْلَ لها فيه، فالحج كامل وتام بدون هذه الزيارة، ولا ارتباط بينها وبين الحج ألبتة.
والأدلة على مشروعية شدِّ الرحال لمسجده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والصلاة فيه كثيرة منها:
1 - قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومسجد الأقصى) (?).
2 - وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام) (?).
فهذه النصوص تدل على مشروعية زيارة مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للصلاة فيه لفضلها ومضاعفة أجرها، وتدل أيضاً على أنه يحرم شد الرحال لغير هذه المساجد الثلاثة لقصد العبادة، فلا تشرع الزيارة والسفر لأي مكان في أنحاء المعمورة، إلا إلى هذه المساجد الثلاثة. وقَصْدُ المدينة للصلاة في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مشروع في حق الرجال والنساء؛ لما تقدم من عموم الأدلة السابقة.