ولذا فمن مات منهم ورثه المسلمون من أقاربه، وصلِّي عليه.
وذهب الإِمام أحمد (?) في رواية عنه أنه يحكم بكفره فلا يورث، ولا يصلى عليه، واحتج بقول أبي بكر -رضي الله عنه- حين قاتل مانعي الزكاة وأوهنتهم الحرب قالوا: نؤديها، قال: "لا أقبلها حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار" ووافقه عمر، ولم ينقل إنكار لذلك عن أحد من الصحابة فدل على كفرهم.
والراجح: ما ذهب إليه الأولون من عدم كفرهم.
أما من منعها منكرًا لوجوبها ففي ذلك تفصيل: إن كان جاهلًا، ومثله يجهل ذلك لحداثة إسلامه أو لأنه نشأ في بادية بعيدة عن الأمصار أو نحو ذلك فإنه يعرف وجوبها ولا يحكم بكفره لأنه معذور، وإن كان مسلمًا قد نشأ في بلاد الإِسلام وبين أهل العلم فيحكم بكفره، ويصير مرتدًا، وتجرى عليه أحكام الردة لكونه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
تجب الزكاة على المسلم الحر، المالك للنصاب ملكًا تامًا وحال عليه الحول.
ومن ذلك يتبين ما يأتي:
أولًا: أن الزكاة لا تجب على الكافر الأصلي: باتفاق الفقهاء حربيًا كان أو ذميًا، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ ابن جبل -رضي الله عنه- كما في الصحيحين: "إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأني رَسُولُ اللهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ