ومما قاله سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في هذه النازلة:
"المسلم محترم حيًّا وميتًا، والواجب عدم التعرض له بما يؤذيه أو يشوه خلقته، ككسر عظمه وتقطيعه، وقد جاء في الحديث: "كسْرُ عَظْمِ الميتِ ككَسْرِهِ حَيًّا" (?). ويستدل به على عدم جواز التمثيل به لمصلحة الأحياء، مثل أن يؤخذ قلبه أو كليته أو غير ذلك؛ لأن ذلك أبلغ من كسر عظمه. وقد وقع الخلاف بين العلماء في جواز التبرع بالأعضاء وقال بعضهم: إن في ذلك مصلحة للأحياء لكثرة أمراض الكلى وهذا فيه نظر، والأقرب عندي أنه لا يجوز للحديث المذكور، ولأن في ذلك تلاعبًا بأعضاء الميت وامتهانًا له، والورثة قد يطمعون في المال، ولا يبالون بحرمة الميت، والورثة لا يرثون جسمه، وإنما يرثون ماله فقط" (?).
والذي يترجح عندنا هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، أي: يجوز نقل الأعضاء من إنسان حي إلى آخر، ولا يكون ذلك إلا بالشروط المذكورة عند أصحاب هذا القول.
أما الصورة الثانية وهي: نقل الأعضاء من إنسان ميت إلى آخر حي.
والمراد بالميت هنا هو من فارقت روحه بدنه بانقطاعها عن بدنه انقطاعًا تامًا من توقف دقات قلبه واستكمال أمارات الموت الأخرى التي سبق بيانها في نازلة الموت الدماغي، فهذه هي الوفاة التي تترتب عليها أحكام مفارقة الإنسان للدنيا من انقطاع أحكام التكليف، وخروج زوجته من عهدته، وماله لوارثه، وتغسيله، وتكفينه،