ولا صحابته الكرام، ولا عرفت مثل هذه الأعياد إلا بعد القرون الثلاثة الفاضلة؛ مما يدل على أنها محرمة، وليس لها أصل في الإسلام؛ ولذلك لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما؛ قال: "ما هذان اليومان" قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ" (?). ولو كانت الأعياد مجرد عادات ما أبدلها بأعياد المسلمين.
ثم إن هذه الاحتفالات عادة دخلت على المسلمين من اليهود والنصارى ففعلها تقليد لأعداء الله تعالى وتشبه بهم، والمسلم يجب أن يكون قدوة يتَّبَع لا أن يكون تابعًا يقوده غيره.
والأعياد يجب فيها الاتباع، لا الابتداع؛ لأنها قضية دينية عقدية، وليست عادات دنيوية محضة؛ قال الله تعالى في صفة عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ...} [الفرقان: 72] الآية، وقد فسرها كثير من العلماء بأعياد المشركين، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا" (?).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، كما لما قال: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148]، وقال: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم، وذلك أن اللام تورث الاختصاص، فإذا كان لليهود عيد وللنصارى عيد؛ كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم، وكذلك أيضًا -على هذا-: لا ندعهم يشركوننا في عيدنا" (?).