وما ورد في الفقه من التسامح في جريان الغبن بيعًا أو شراء إلى الثلث جاء في المغنى (?): عند الكلام على مقدار الغبن المسموح به وحدَّه أبو بكر من الحنابلة بالثلث وهو قول مالك (?)؛ لأن الثلث كثير بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والثلث كثير"، وقيل: السدس. وقيل: ما لا يتغابن الناس به في العادة, لأن ما لا يرد به الشرع يُرجع فيه إلى العرف".
وفي رواية: إن ما كان دون الثلث من الجوائح في الثمار فهو من ضمان المشتري، وهو مذهب مالك والشافعيُّ في القديم.
والثلث قد رأينا الشرع اعتبره في مواضع منها: الوصية، وعطايا المريض، وتساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى الثلث. قال الأثرم: "قال أحمد إنهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة" (?)، ولأن الثلث حد الكثرة وما دونه حد القلة، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوصية به: "الثلث، والثلث كثير" فيدل هذا على أنه آخر حد الكثرة فلهذا قدر به (?).
وقد تناول مجمع الفقه الإِسلامي بجدة في قراره رقم 46 (8/ 5) الحديث عن تحديد أرباح التجار، وأشار إلى أن الأصل ترك التحديد مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير، وأنه يجب الابتعاد عن التعامل بأسباب الحرام كالغش والخديعة والتدليس والاستغفال وتزييف حقيقة الربح والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة، وهم يرون أنه لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللًا واضحًا في السوق ناشئًا عن