قال الزيلعيُّ: "فإن حكم لزمهما؛ لأن حكمه صدر عن ولاية شرعية عليهما كالقاضي إذا حكم لزم" (?). وقال ابن فرحون: "إذا حكم المحكم فليس لأحد أن ينقض حكمه، وإن خالف مذهبه إلا أن يكون جورًا بيِّنًا لم يختلف فيه أهل العلم" (?).
وقال الخطيب الشربيني: "ولا يشترط الرضا بعد الحكم في الأظهر كحكم المولى من جهة الإِمام". وقال ابن قدامة: "إذا تحاكم رجلان إلى رجل حكماه بينهما ورضياه وكان ممّن يصلح للقضاء فحكم بينهما جاز ذلك ونفذ حكمه عليهما" (?).
والراجح: نرى أن حكم المحكم ملزم، وإلا لم تكن هناك فائدة من التحكيم وهو مذهب الجمهور، على أن لزوم الحكم قاصر على الخصوم ولا يتعداهم إلى من سواهم. وله أن يشهد على ما ثبت من الحق عنده في المجلس قبل التفرق؛ إذ لا يقبل قوله بعد الافتراق كالقاضي بعد العزل (?).
وقد أخذ بلزوم حكم المحكم نظام التحكيم السعودي لعام 1403 هـ حيث نص في المادة (20) منها على ما نصه: يكون حكم المحكمين واجب التنفيذ عندما يصبح نهائيًا. واشترط في المادة (17) أن تشتمل وثيقة الحكم بوجه خاص على وثيقة التحكيم وعلى ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقه وتاريخ صدوره وتوقيعات المحكمين وإذا رفض واحد منهم أو أكثر التوقيع على الحكم أثبت ذلك في وثيقة الحكم.