وأثر أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قال: "لو رأيت رجلًا على حد من حدود الله -تعالى- ما أخذته، ولا دعوت له أحدًا حتى يكون معه غيري" (?).
ولأن مبناها على الستر والاحتياط والدرء بالشبهات.
ثالثًا: اختلفوا فيما عدا ذلك هل يقضي بعلمه على أحد دون بينة أو إقرار:
القول الأول:
أن القاضي لا يحكم بعلمه في حقوق الآدميين، وسواء في ذلك علمه قبل الولاية وبعدها. وهو مذهب المالكية وغير الأظهر عند الشافعية، وظاهر مذهب الحنابلة، والمفتى به عند الحنفية لفساد الزمن (?).
واستدلوا بأدلة كثيرة أهمها ما يأتي:
1 - حديث أُمِّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما أنا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلي وَلَعَلَّ بَعْضَكُم أَنْ يَكُونَ أَلحنَ بِحُجَّتِهِ من بَعْضٍ فَأَقْضِي على نَحْوِ ما أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ له بحق أخِيهِ شيئًا فلا يَأْخُذْهُ فَإِنَّما أَقْطَعُ له قِطْعَةً من النَّارِ" (?).
فدل الحديث على أنه إنما يقضي بما يسمع لا بما يعلم.
2 - حديث وَائِلِ بن حُجْرٍ -رضي الله عنه- قال: كنت عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ في أَرْضٍ فقال أَحَدُهُمَا: إِنَّ هذا انْتَزَى على أَرْضِي يا رَسُولَ الله في الجاهِلِيَّةِ -وهو أمرؤ الْقَيْسِ بن عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بن عِبْدَانَ- قال: "بَيِّنَتُكَ"، قال: ليس لي بَيِّنَةٌ، قال: "يَمِينُهُ"، قال: إِذَنْ يَذْهَبُ بها! قال: "ليس لك